قصة وعبرة حول الكرامة
ﻓﻲ ﺃﺣﺪ ﺍﻷﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﻨﺎﺋﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻛﺎﻥ ﺭﺟﻞ ﻓﻘﻴﺮ ﺃﻋﻤﻰ ﻳﻌﻴﺶ ﻣﻊ ﺍﺑﻨﺘﻪ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﺑﻨﺘﻪ ﻫﻲ ﻣﻦ ﺗﻘﻮﺩﻩ ﻭﻛﺎﻥ ﺩﺍﺋﻤﺎً ﻳﺬﻫﺐ ﺍﻟﻰ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺸﻮﺍﺭﻉ ﺍﻟﺮﺍﻗﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻮﺟﺪ ﺑﻬﺎ ﻣﺘﺎﺟﺮ ﻟﻜﺒﺎﺭ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭ ﻛﻲ ﻳﻌﻄﻮﻧﺔ ﻣﺎ ﻳﺴﺪ ﺑﻪ ﺟﻮﻋﻪ ﻭﺟﻮﻉ ﺍﺑﻨﺘﻪ ﺃﻱ ﻳﺘﺼﺪﻗﻮﻥ ﻋﻠﻴﻪ .
ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﺑﻨﺘﻪ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﺟﺪﺍً، ﻭﻗﺪ ﺃﻋﺠﺐ ﺑﻬﺎ ﻭﺑﺠﻤﺎﻟﻬﺎ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭ ﺍﻟﻜﺒﺎﺭ ﻟﺪﺭﺟﺔ ﺃﻧﻪ ﻳﻨﺘﻈﺮﻫﺎ ﻫﻲ ﻭﻭﺍﻟﺪﻫﺎ ﺍﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﺄﺗﻴﺎ ﻭﻛﺎﻥ ﻳﺒﻜﺮ ﻗﺒﻞ ﻃﻠﻮﻉ ﺍﻟﻔﺠﺮ ﻛﻲ ﻻ ﻳﻤﺮﺍ ﻭﻫﻮ ﻟﻴﺲ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﻭﻛﺎﻥ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﻳﻤﻀﻲ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺒﻨﺖ ﺃﻛﺜﺮ ﻭﺃﻛﺜﺮ . ﻧﻌﻢ ﺍﻟﺒﻨﺖ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﺟﺪﺍً ﻭﻋﻔﻴﻔﺔ، .
. ﻭﻓﻲ ﺃﺣﺪ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﻣﺮﺍ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ ﻓﺘﺤﺪﺙ ﻣﻊ ﻭﺍﻟﺪ ﺍﻟﺒﻨﺖ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ؛
ﺃﻧﺖ ﺿﺮﻳﺮ ﺃﻻ ﺗﺨﺎﻑ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﺘﻌﺮﺽ ﺍﺑﻨﺘﻚ ﻟﻠﻤﻌﺎﻛﺴﺔ، ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻟﻦ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺣﻤﺎﻳﺘﻬﺎ .
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻷﻋﻤﻰ؛ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺤﻤﻴﻨﻲ ﻭﻳﺤﻤﻴﻬﺎ .
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ ﻭﺑﺪﻭﻥ ﺗﺮﺩﺩ ﺃﻧﺎ ﺃﺭﻏﺐ ﺑﺎﻟﺰﻭﺍﺝ ﻣﻦ ﺍﺑﻨﺘﻚ .
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻷﻋﻤﻰ ﺍﺑﻨﺘﻲ ﻟﻴﺲ ﻟﻠﺰﻭﺍﺝ ﻓـﺄﻧﺎ ﻻ ﺃﺳﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﻤﺸﻲ ﺑﺪﻭﻧﻬﺎ .
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ ﺃﻧﺎ ﺃﻋﻴﻦ ﻟﻚ ﻣﻦ ﻳﻘﻮﻡ ﺑﺮﻋﺎﻳﺘﻚ .
ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻦ ﺃﺟﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﺜﻞ ﺍﺑﻨﺘﻲ ﻳﻌﺘﻨﻲ ﺑﻲ .
ﻭﺧﺮﺝ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ . ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﻻﺑﻨﺘﻪ .
ﺃﻟﻢ ﺃﻛﻦ ﻗﺎﺳﻴﺎً ﻋﻠﻴﻚ ﻳﺎ ﺍﺑﻨﺘﻲ ﻓﻘﺪ ﺭﻓﻀﺖ ﺃﻥ ﺃﺯﻭﺟﻚ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ .
ﻓﻘﺎﻟﺖ ﺍﻟﺒﻨﺖ؛ ﻟﻦ ﺃﻫﻨﺄ ﺑﻌﻴﺶ ﻳﺎ ﺃﺑﻲ ﻣﺎﻟﻢ ﺗﺨﺘﺎﺭﻩ ﻟﻲ .
ﺍﻣﺎ ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﻳﻤﻀﻲ ﻳﺰﺩﺍﺩ ﺣﺒﻪ ﻟﻠﻔﺘﺎﺓ ﻭﻟﻜﺒﺮﻳﺎﺋﻬﺎ ﺭﻏﻢ ﺣﺎﻟﺘﻬﺎ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮﺓ . ﺫﻫﺐ ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ ﺍﻟﻰ ﺍﻷﻋﻤﻰ ﻭﺃﻋﻄﺎﻩ ﺷﻴﻜﺎ ﻣﻔﺘﻮﺣﺎً .
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﺟﻌﻞ ﺍﺑﻨﺘﻚ ﺗﻜﺘﺐ ﺍﻟﺮﻗﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺮﺍﻩ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎً ﻟﻜﻲ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻬﺮﻫﺎ .
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻻﻋﻤﻰ ﺃﻟﻢ ﺃﻗﻞ ﻟﻚ ﺇﻥ ﺍﺑﻨﺘﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﻟﻠﺰﻭﺍﺝ .
ﻓﻘﺎﻝ ﺃﻋﻄﻴﻚ ﻗﺼﺮﺍً ﻭﺧﺪﻣﺎ ﻳﻘﻮﻣﻮﻥ ﺑﺮﻋﺎﻳﺘﻚ، ﻭﺃﻋﻄﻴﻚ ﻣﺎ ﺗﺸﺎﺀ .
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻷﻋﻤﻰ ﺃﻧﺎ ﻟﻢ ﺃﻋﺮﺽ ﺍﺑﻨﺘﻲ ﻟﻠﺒﻴﻊ، ﻛﻲ ﺗﺪﻓﻊ ﻟﻲ، ﺛﻢ ﻛﺮﺭ ﺍﻷﻋﻤﻰ ﻭﻗﺎﻝ؛ ﺇﻥ ﻣﻬﺮ ﺍﺑﻨﺘﻲ ﻏﺎﻟﻲ ﻭﻟﻦ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺗﺪﻓﻌﺔ .
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ؛ ﻗﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ؟
ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻟﻮ ﻃﻠﺒﺖ ﻧﺼﻒ ﺛﺮﻭﺗﻲ ﻷﻋﻄﻴﺘﻚ .
ﻓﻜﺮﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻧﺎ ﻟﻢ ﺃﻋﺮﺽ ﺍﺑﻨﺘﻲ ﻟﻠﺒﻴﻊ ﻭﺇﻥ ﻣﻬﺮ ﺍﺑﻨﺘﻲ ﻫﻮ ﺃﻥ ﺗﻨﺰﻝ ﻣﻌﻲ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﻟﻠﺘﺴﻮﻝ، ﻟﻤﺪﺓ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﺷﻬﺮ .
ﻓﺎﺳﺘﻐﺮﺏ ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻬﺮ ﻭﻗﺎﻝ؛ ﺇﻥ ﻣﺮﻛﺰﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻻ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻲ، ﺧﺼﻮﺻﺎً ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻛﺜﻴﺮ .
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻷﻋﻤﻰ ﻓﻜﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻬﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻃﻠﺒﺘﻪ ﻣﻨﻚ ﺇﺫﺍ ﻛﻨﺖ ﻓﻌﻼً ﺭﺍﻏﺒﺎً ﺑﺎﻟﺰﻭﺍﺝ ﻣﻦ ﺍﺑﻨﺘﻲ .
ﻓﺬﻫﺐ ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻔﻜﺮ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻬﺮ ﻭﻛﻴﻒ ﺳﻴﺪﻓﻌﺔ، ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﺪﻓﻌﺔ ﻟﻦ ﻳﺘﺰﻭﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺘﺎﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻏﺮﻡ ﺑﻬﺎ .
ﻭﺑﻌﺪ ﺗﻔﻜﻴﺮ ﻃﻮﻳﻞ ﺍﺗﺨﺬ ﻗﺮﺍﺭﻩ ﻭﻗﺎﻝ؛ ﺳﺄﺩﻓﻊ ﺍﻟﻤﻬﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻃﻠﺐ ﻣﻨﻲ، ﻭﻟﻦ ﺃﺟﻌﻞ ﺃﺣﺪ ﻳﻌﺮﻓﻨﻲ . ﺛﻢ ﺫﻫﺐ ﺍﻟﻰ ﺑﻴﺖ ﺍﻷﻋﻤﻰ، ﻛﻲ ﻳﺨﺒﺮﻩ ﺑﺄﻧﻪ ﺳﻮﻑ ﻳﺪﻓﻊ ﺍﻟﻤﻬﺮ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ .
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻷﻋﻤﻰ ﻋﻠﻰ ﺑﺮﻛﺔ ﺍﻟﻠﻪ . ﻧﺰﻝ ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ ﻣﻊ ﺍﻷﻋﻤﻰ ﻭﺍﺑﻨﺘﻪ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﻛﻲ ﻳﺘﺴﻮﻟﻮﺍ ﻣﻌﺎً، ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ ﻳﺮﺗﺪﻱ ﻣﻼﺑﺲ ﻗﺪﻳﻤﺔ ﻭﻣﻤﺰﻗﺔ .
ﻭﻣﺮﺕ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﻭﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺣﺘﻰ ﺍﻧﺘﻬﺖ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺃﺷﻬﺮ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺑﺔ ﻭﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻷﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺪﺓ .
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ ﻟﻠﻮﺍﻟﺪ؛ ﻫﻴﺎ ﻛﻲ ﺗﻌﻘﺪ ﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﺑﻨﺘﻚ . ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻷﻋﻤﻰ ﺃﻻ ﺗﺮﻳﺪ ﺍﻥ ﺗﻌﺮﻑ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻃﻠﺒﺖ ﻣﻨﻚ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻬﺮ؟ ﻛﻲ ﻻ ﺗﻘﻮﻝ ﻻﺑﻨﺘﻲ ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﻣﻦ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﺃﺗﻴﺖ ﺑﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ .
ﻓﺈﻥ ﻗﻠﺘﻬﺎ ﺳﻮﻑ ﺗﺠﺪ ﺍﺑﻨﺘﻲ ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ، ﺣﻴﻨﻬﺎ ﺳﺘﻘﻮﻝ ﻟﻚ؛
ﻣﺎﺫﺍ ﺩﻓﻌﺖ ﻣﻬﺮﻱ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ؟ ﻫﻞ ﺩﻓﻌﺖ ﻟﻲ ﺫﻫﺐ ﻭﻣﺠﻮﻫﺮﺍﺕ؟ ﻃﺒﻌﺎً ﻻ .
ﺇﻧﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻬﺮﻱ ﻫﻮ ﻧﺰﻭﻟﻚ ﺇﻟﻰ ﺑﻴﺌﺘﻲ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮﺓ ﻛﻲ ﺗﺤﻈﻰ ﺑﻲ ﻓﺄﻧﺎ ﺃﻏﻠﻰ ﻣﻦ ﺫﻫﺒﻚ ﻭﻣﺎﻟﻚ.